الثلاثاء، ١٢ فبراير ٢٠٠٨

الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي (2. نشأتــــــه و ازدهـــــــــاره :)

لقد اهتم المغاربة بالشعر الامازيغي قبل دخولهم في الاسلام « فقد تبث أنهم كانوا ينظمون الملاحم على عهد الرومان يسجلون فيها بطولاتهم و يتمدحون بما عندهم من أمجاد »[1] و يظهر أن ازدهار هذا الشعر كان مستمرا حتى بعد مجيء الاسلام ، إذ عثر محمد المختار السوسي[2] على ملحمة تصفح فتح إفريقية ، و حتى بعد قرون من انتشار الدين الاسلامي في المغرب . فهناك ما يشير إلى أن الشعر الامازيغي كان لـه دور و تأثير على النفوس ، و في القرن العاشر الذي كان عصر الصوفية الذهبي في سوس بقي الشعر الامازيغي نشيط و نفهم هذا مما قام به الفقيه النحوي " يحي بن سعيد الكزامي " ، إذ أخد حكاية شعرية أمازيغية فعربها في قصيدة تجاوزت الثلاثين بيتا أولها :
الحمد لله ذي الجلال ما أعظمه
سبحانه علا وجل ما أكمله
و في القرن الحادي عشر ، نجد ما يفيد أن الشعر الامازيغي كانت لـه مكانته ، و من ذلك " أمحاولو الايسي "
[3] تقدم بقصيدة عربية يمدح بها سيدي علي بودميعة أمام جمع كبير من العلماء و الصالحين و الاشياخ ، ثم قام أحد شعراء الامازيغية ليمدح بدوره ، غير أن بعض الفقهاء أراد أن يسكته فأمر " بودميعة " ذلك الفقيه بأن يدع الشاعر ينشد ، فلما أتم إنشاده علق أحد الحاضرين على الشاعرين بقولـه : « … لا أدري ما الفرق بين الرجلين إلا إذا عظمنا العربية » .و في القرن الثاني عشر و في هذه الفترة كان الناس في حاجة إلى ما يقوي إسلامهم باللسان الامازيغي الذي لا يعرف العامة حينئذ سواه ، و من أجل ذلك قام بعض الفقهاء بترجمة كتب فقهية من العربية إلى الامازيغية فأقبل المتعلمون على نسخها و تهافت العوام على حفظها و تطبيقها . و الترجمة في هذه المرحلة لا تعني ضعف الشعر الامازيغي في ذلك العصر بقدر ما هي إغناء لموضوعاته و تزكية لقيمته و تأثيره في النفوس . و قد برز في ميدان الشعر في هذا العصر الشاعر " سيدي حمو أوطالب " . و يأتي القرن الثالث عشر ليؤكد استمرارية حظور الشعر ، و اهتمام مختلف الشرائح به ، إذ في هذا القرن كتبت العديد من الاشعار بالامازيغية ، فحتى شعر الملاحم فإنه ظل موجودا و الذي سمعنا بازدهاره قبل الاسلام ، و قد ذكر " محمد المختار السوسي " أنه سمع يوما من الشاعر " ابن أيفيل " قصيدة بليغة في الواقعة التي كانت عام 1921 ، و قد صدرت عن السوسي عبارة تعكس بجلاء مدى تأثره بتلك الملحمة إذ قال : « فإذا بي أشده بتصوير ذلك و ترتيب وقائعه … » .
و يأتي أهم هذه القرون و هو القرن الرابع عشر ، و الذي سيحظى باهتمام خاص باعتباره عصر تجدد انطلاقة الشعر الامازيغي .
و بعد أن تطرقنا لأهم المراحل التي مر منها الشعر الامازيغي فإن القرن الرابع عشر يعتبر عصر تجدد انطلاقه سواء من حيث الابداع أو التدوين أو الدراسة ، ففي نصفه الاول كتبت مقالات حولـه، و تناولته كتب أخرى بالدراسة كما صدرت منه دواوين مترجمة ، و كان هذا بلغات كالالمانية و الانجليزية و الفرنسية ، و في هذا القرن عاش أبرز الشعراء المرموقين و المعروفين لدينا اليوم و في مقدمتهم " الحاج بلعيد " المتوفي سنة 1946 و " الرايس الحسين جنطي " المتوفي سنة 1975 و " الرايس الحاج محمد الدمسيري " المتوفي سنة 1989 و " فاطمة تحيحيت " ، كما نجد مجموعات غنائية التي تغني هذا الشعر مثل مجموعات : " ءيزماز ، أرشاش ، إزنزارن … "
.
[1] عباس الجراري " من وحي الثراث " ص : 137 . مطبعة الأمنية الرباط
[1] محمد المختار السوسي " خلال جزولة " ج/3 . ص : 120 . مطبعة المهدية . تطوان .[1] أمحاولو الادريسي المتوفى سنة 1112 هـ



ليست هناك تعليقات: