الجمعة، ١٠ أكتوبر ٢٠٠٨

Prénoms amazighs. Indésirables !

La dernière interdiction d’un prénom amazigh a eu lieu dans la localité de Béni Tjit, à côté de Figuig, où un heureux papa s’est vu refuser le prénom de Sifaw pour son fils. “Les autorités locales ont prétexté que ce prénom est interdit à Rabat”, explique Ahmed Arehmouche du Réseau amazigh pour la Citoyenneté. Ce dernier a envoyé des lettres de protestation aux ministres de la Justice et de l’Intérieur, ainsi qu’au premier ministre. Visiblement, c’est la seule manière pour espérer avoir gain de cause. Il y a un mois, le même réseau a dû saisir les mêmes ministres pour pouvoir autoriser l’enregistrement du prénom Anir à un habitant de Hay Riyad à Rabat.
Source : TelQuel

الأربعاء، ٩ يوليو ٢٠٠٨

الأمازيغية لغة أم هوية؟


حسن الراشدي:
هذه مدينة أغادير بأقصى الجنوب المغربيّ، مدينة تنبعث من الرماد كطائر الفينق [العنقاء]، أُقيمت على أنقاض المدينة القديمة التي دمَّرها زلزال عنيف ذات يوم من أيَّام شباط / فبراير 1960.
جمال الطبيعية، زرقة المياه، ورونق المدينة المعماريّ الحديث لم يحجب عنها إشعاعها الثقافيّ المستمد من تراث الأمازيغيَّة وحضارة الإسلام.
في الطريق إلى بيت أحد فنَّاني المدينة التشكيليين يشد اهتمامك إصرار أهل الدار على الالتصاق بكل ما يرمز إلى الهويَّة، فهذا الرمز الحرف يفيد بلغة أهل المدينة.. المغرب.
هذا هو البيت، ومن على عتبته تقرأ علامة الاحتفاء بالهويَّة الساكنة، أمَّا الساكن فهو الفنَّان التشكيليّ عبد الله أوريك المؤمن إلى حد الخشوع بأمازيغيَّته وبدوره في حماية ما تبقى من تلك الثقافة من دوَّامة النسيان.
شخصيَّة الفنان حاضرة في كل زوايا المكان، يتقاسم أوريك بيته مع لوحاته وأشيائه، أمَّا لوحاته فتجسِّد روح أغادير المدينة وعبقها، وإبداعه خلاصة تجذُّر عميق في الأصالة.
عبد الله أوريك:
دور الفنان في المجتمع هو التعريف بثقافته، لذلك فلا غرابة أن أقوم بذلك باعتباري من عائلة أمازيغيَّة، فأنا من مواليد مدينة أغادير.
عبد الله الراشديّ:
يعلمنا الكتاب المدرسيّ في أول دروس تاريخ المغرب أن أبناء (مازيغ) أو البربر هم سكان المغرب الأولون، ويختلف المؤرخون في تبيان أصول الأمازيغ الذين يشكلون غالبيَّة حوالي ثلاثين مليون نسمة هم سكان المغرب، فقد ذهب البعض إلى ربط أصولهم إمَّا بسلالة حام وسلالة سام، وأشار آخرون إلى علاقتهم بجالوت ملك البربر في فلسطين، كما أنَّ هناك من ينسبهم إلى الجبارين، وهناك مَنْ يرى أنهم خليط من أقوام شرقيَّة مختلفة، وهناك مَنْ يربط بينهم وبين (أفريقش) اليمنيّ.
كما أجمع مؤرخون بأنَّ أولى منازل البربر وجدت بفلسطين وما جاورها بأراضي الشام بما فيها الساحل، إلاَّ أنَّ بعضًا من هؤلاء يجزم بأن الأمازيغ فرع من الشعوب العربيَّة القديمة التي انتقلت إلى المغرب على مراحل، غير أن الكثير من المعنيين يرفضون هذا التخريج، ويعتبرونه ازدراءً وبهتانًا.
ويرفض المتشددون من مثقفي الأمازيغ تسميتهم بالبربر أو البرابرة، لكون الصفة استعملت من قِبل اليونان القدامى لوصف مَنْ لا يتكلم لغتهم على أنهم متوحشون، ويقول هؤلاء: إن الكلمة المقابلة في اللغة العربية هي الأعجميّ، وهو ما يطلقه العرب على مَنْ لا يتحدث لغة الضاد، إلاَّ أنَّ صفة التوحش ارتبطت بالأمازيغ لكونهم عُرِفوا بشدة مقاومتهم للرومان على مدى أربعة قرون، ويفضل الأمازيغ نعتهم بهذه التسمية لأنها تعني في قاموسهم: الإنسان النبيل.
تشكل الأمازيغيَّة همًّا ثقافيًّا صرفًا يذهب في طروحاته إلى ضرورة إحياء اللغة واعتبارها لغة ثانية إلى جانب العربية، لكن المعارضين لهذا التوجه ينفون عن الأمازيغية صفة اللغة، ويعتبرونها لهجة ليس إلاَّ.
يتحدث الأمازيغ منذ القدم بلسان غير متجانس يضم سبع لهجات كبرى تنتشر في شمال إفريقيا هي -إلى جانب (تشَلحيت)- (تاريفت( و(تمازيغت) في المغرب، (القبَايْليَّة) و(الشاويَّة) و(المزابيَّة) في الجزائر، و(التراكيَّة) بالصحراء الكبرى من موريتانيا إلى السودان.
شيخ أمازيغيّ:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا..
حسن الراشديّ:
وقد تعلم الأمازيغ لغة القرآن ودرسوا بها علوم الدين والفقه [يتوقف].
شيخ أمازيغيّ:
هي بيع منافع معلومة بعوضٍ معلوم..
حسن الراشديّ:
وتتوزع الأمازيغيَّة المغربيَّة بين بلاد سوس وما جاورها حيث تسود (تشلحيت)، وجبال الريف ومحيطها حيث (تاريفت) ثم الأطلسين المتوسط والكبير حيث تمتد (تمازيغت).
ويدور في الساحة الثقافية المغربية منذ بداية السبعينات جدل كبير حول أحقيَّة الأمازيغية في أن تكون لغة جامعة شاملة، أو لهجة من بين اللهجات المتحدَّث بها في المغرب، وقد حسم اللسانيُّون المتعاطفون في المسألة باعتبارهم الأمازيغيَّة لغة قابلة للتطور.
المهدي أوعزي:
الأمازيغيَّة بالنسبة إليَّ لغة وليست لهجة، وإذا ما أخذنا المسألة من الجانب الاجتماعي اللسانيّ سنجد أن لكل نسق لغويّ قواعد خاصة، والأنظمة التي نجحت سياسيًّا وحَّدت بنياتها، في حين نجد أن تلك التي فشلت ظلت تعتمد على تقاليد شفهيَّة، ونحن الآن في زمن التدوين والكتابة والتكنولوجيا، وهذا ما تستعد له الأمازيغيَّة.
حسن الراشديّ:
ومن هذا المنظور فإنَّ اللغة أو اللهجة الأمازيغيَّة واكبت تاريخ المغرب منذ ما قبل التاريخ إلى حضارة القرن العشرين، لكنها تعرَّضت خلال كل هذه الحقب لمنافسة شديدة من لغات أخرى، عبر المثاقفة بفعل موقع منطقة شمال إفريقيا كمنطقة عبور لشعوب مختلفة مثل الفينيقيين والرومان والبيزنطيين وغيرهم.
وتعتبر اللغة الأمازيغيَّة أقدم لغة وُجِدت على أرض المغرب، إذ يرجع تاريخ تدوين حضارتها إلى ما يزيد عن خمسين قرنًا، وهي تنتشر على رقعة جغرافيَّة تفوق مساحتها خمسة ملايين كيلو متر مربع، حيث تمتد من الحدود المصريَّة الليبيَّة إلى مالي والنيجر بإفريقيا، علمًا بأنَّ أكبر مجموعة سكانيَّة ناطقة بها توجد بالمغرب، وتفيد أبحاثٌ (أركيولوجيَّة) أنَّ هذه اللغة كانت تُدوَّن بحروف (تيفيناك).
وهناك إرادة سياسيَّة لإحياء الأمازيغيَّة عن طريق الإذاعة والتلفزيون والصحف والغناء والمسرح والسينما. مثال على ذلك: تجربة الكتابة للطفل باللغة الأمازيغيَّة، وهي محاولة يقودها كثيرون ومن بينهم محمد أكنار.
محمد أكنار:
الحركة الأمازيغيَّة الآن تحتاج لكل شيء في جميع المجالات، هناك الكثير في الشعر، هناك القصة، هناك المقالة، ولكن هذا الجنس الأدبيّ -لحد الساعة- مغْفَل، هذا دافع أول.
الدافع الثاني: أنني رأيت -كما رأى الكثيرون- أننا تربينا على أدب أمازيغيٍّ ثر وكثير، ولكنه شفويٌّ، كانت الأمهات والجدات هن اللائي يقمن بتوصيله إلينا، إلاَّ أن العالم الآن -كما يعرف الجميع- تحوَّل ولم يعد هناك دور للجدة ولا للأم، لأن التلفزة والمذياع وغيرها قامت مقامها، فبالتالي هذا الأدب ينقرض، وإذا عرفنا أنه لم يُجمع ولم يُقم به وظل شفويًّا نعرف بأنه ستكون خسارة كبيرة جدًّا بالنسبة لجانب مهم من ثقافتنا المغربيَّة.
إذن هذان الدافعان دفعاني لأقوم بهذه التجربة، لا لكي أملأ فراغًا، ولكن لكي أبادر، والمبادرة قد تدفع الكثيرين لجمع هذا التراث.. ما هو موجود.
حسن الراشديّ:
تشكل الأمازيغيَّة كلغة هاجسًا من هواجس العمل الثقافيّ، إذ عرف المغرب تأسيس أول جمعيَّة أمازيغيَّة سنة 1929 بمدينة (أزرو) وكان يترأسها محمد شفيق. ومنذ السبعينات تضاعف عدد الجمعيات الثقافية الأمازيغيَّة، وأعطى انتعاشة جديدة للحركة، كان من نتائجها خروج عدد من المبادرات، من أبرزها توقيع ست جمعيات أمازيغيَّة على ميثاق أغادير عام 91، والذي يعتبر بمثابة إطار نظريٍّ يوضح تصور المهتمين، ويتضمن مطالب مستعجلة، وأهم تلك المطالب:
- الإثبات الدستوريّ للأمازيغيَّة والاعتراف بها كلغة مساوية للغة العربيَّة.
- تدريس الأمازيغيَّة في مؤسسات التعليم العموميّ.
- فتح المجال أمامها في المعاهد والمؤسسات العلمية.
- توسيع دائرة النشاط الثقافيّ والأدبيّ والإعلاميّ للأمازيغيَّة.
خلا السعيديّ:
أعتقد أنه في المغرب أضع على قدم المساواة مَنْ يقف ضد العربيَّة، ومَنْ يقف ضد الأمازيغيَّة، أنا بالنسبة لي أضع هؤلاء على قدم المساواة، مَنْ يدافع، من كان ضد العربيَّة أو مَنْ كان ضد الأمازيغيَّة.. المُشْكِل لا يتعلق بالأصل، لأقول أنا أمازيغيُّ الأصل، أو أنا عربيُّ الأصل، ولكن المُشكِل يتعلق بالهويَّة الثقافيَّة المغاربيَّة، أراد التونسيون أن ينخرطوا أو لا ينخرطوا، فالمغاربيّ له ثقافة غنيَّة ومتنوعة مبنيَّة على إرث عربيّ وإرث أمازيغيّ والإسلام.
د. الحسين واعزي:
الحركة الثقافية الأمازيغيَّة تسعى بذلك إلى تتسيير هذه الهُوَّة، لذلك تعتبر أن التأثير الثقافي والإقناع وممارسة الحوار، ولكن على المسؤولين وعلى المستأنف أن يفهموا.. أن يعوا هذا الخطاب، وإلا إذا فشل سيناريو الحوار سيكون هناك آنذاك يمكن يأتي هذا السيناريو تحزيب الأمازيغيَّة، ربما إثارة بها مشاكل أخرى قد تضر بمناعة الوطن.
حسين الراشدي:
إلا أن دلالات مضمون الهويَّة والخصوصية الثقافية بدأت تتوجّه بفعل تيار علماني داخل الحركة الأمازيغيَّة نحو إنشاء مشروع قومي على شاكلة المشروع القومي العربي، مُعتبرًا مرجعيَّته الاتفاقات الدوليَّة، مما يُشكِّل التباسًا واضحًا عند العديدين، ويخلق تناقضًا بين الإسلام والأمازيغيَّة.
إضافة إلى ذلك فإن بعض المتحمِّسين من الأمازيغيين يمتطون صهوة هذه المسألة، لتصفية حسابات مع التيار الإسلامي خاصة داخل الحركة الطُّلابيَّة بالمغرب.
محمد إيدر بن سعيد:
الصراع كاين [موجود] بين الثقافة العربيَّة والثقافة الفرنسيَّة، ماشي [ليس] الصراع بين الثقافة العربية والأمازيغيَّة، العربيَّة معناها ملك للمغاربة، ملك للشعب العربي في شمال إفريقيا، وفي العالم العربي وفي الكل، إرث اللي هو تابع الإسلام ماشي دخيل، هذا هو الخلاف اللي كاين بيننا وبين بعض الجماعات.
حسن الراشدي:
ويذهب تيار آخر داخل الحركة الأمازيغيَّة إلى اعتبار الحركة جزءًا من الحركة العالمية للشعوب الأصليَّة، وهو ما قد يؤسَّس نواةً للطرح القومي الأمازيغي، وفي هذا السياق شُكِّل الكونغرس العالمي الأمازيغي كهيئة دولية رغم تحفُّظات أبدتها جمعيات ثقافية أمازيغيَّة مغربيَّة على ذلك.
محمد إيد بلقاسم:
جمعيَّة (تمينوت) منذ سنة 93، شاركت -ابتداءً من المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في (فيينا) سنة 93- شاركت بفاعليَّة في واحد المجموعة ديه القاءات داخل الأمم المتحدة، وعلى الخصوص منها شاركت في مجموعات العمل التي خلقتها الأمم المتحدة من أجل الاهتمام بقضايا الشعوب الأصليَّة، وتُسمَّى مجموعة عمل حول حقوق الشعوب الأصليَّة داخل منظمة الأمم المتحدة، طبعًا هذه مجموعة العمل تم خلقها من طرف لجنة حقوق الإنسان، وذلك بناءً على ضغط من الجمعيات غير الحكوميَّة في جميع أنحاء العالم، التي تعتبر نفسها مرتبطة أو منبثقة عن شعوب عريقة في التاريخ، معروفة في التاريخ قبل تأسيس الدول الراهنة التي أسست الأمم المتحدة.
محمد همام:
علينا أن نحتاط وأن نتيقَّظ من القوى الأجنبيَّة والقوى المتربِّصة، وهذا الذي قلته في البداية، نحن لا نعتقد ولا نعتبر المسألة الأمازيغيَّة هي النقيض الثقافي أو المعرفي أو التاريخي للمسألة العربيَّة.. للغة العربيَّة، فنحن نعتقد بأن الجنس أو الأجناس اختلطت في المغرب في امتزاج وتناغم وانسجام وتكامل يدعو إلى الدهشة وإلى الإعجاب، على هذا الشكل الذي تحيا به الشخصيَّة المغربيَّة، ولا يمكن اليوم في المغرب أن نتكلم عن إنسان عربي قحَّ، أو عن إنسان أمازيغي قح، يمكن أن نبحث في شجرته أو في سلالته لكي نثبت صفائه، فنحن نتحدث عن شخصيَّة مغربيَّة بأبعاد متعددة.
القوى الأجنبيَّة التي تقدم دعمًا يجب أن نحتاط منها لأنها تخدم -أيضًا- مشروعًا، هناك مشاريع ثقافيَّة مطروحة، ونحن في عالم اليوم نتحدث عن اصطدام حضاري وعن صراع ثقافي، علينا أن نعيد الاعتبار لذاتنا الثقافيَّة، و لمقوِّماتنا الحضاريَّة بأبعادها المتعدِّدة.
حسن الراشدي:
الظاهر من هذا الطرح أن تباين وجهات النظر داخل الحركة الأمازيغيَّة، وتطور القضيَّة من موضوع لغة وثقافة إلى منحى آخر يُنظِّر -برأي المعارضين للتيار-لإمكانيَّة القفز على الهويَّة الإسلاميَّة للشعب المغربي، في محاولة لبعث التاريخ المغربي القديم لحقبة ما قبل الإسلام والاعتزاز به وببعض ظواهره وأشخاصه.
وبكلمات أخرى فإن المعارضين للتوجُّه العرقي للحركة الأمازيغيَّة، يخشون من أن تتحول المسألة إلى خلق إثنيَّة متعددة الأطراف، تبدأ باللغة وتنتهي بالعرق والجنس، وتبعث عنصرية منغلقة ضد العربيَّة والعرب. ويجد هذا التوجُّه مؤيدين له خارج المغرب، تارة تحت غطاء البحث العلمي، وتارة أخرى تحت غطاء حقوق الإنسان، كما تخصص مؤسسة (لوك فيلير) ومؤسسات جامعيَّة فرنسيَّة دعمًا سخيًّا لدراسة اللغة الأمازيغيَّة وآدابها.
ويرى بعض المعارضين لهذا التوجُّه أنه شبيه بالمشروع الاستعماري الذي حاولت فرنسا تمريره حين أصدرت في السادس عشر مايو عام 1930 الظهير البربري، وكان المستعمر يسعى -من خلاله- إلى فصل البربر الأمازيغ عن العرب، بهدف كسب عطف القبائل الأمازيغيَّة ودعمها له، إلاَّ أن الأمازيغ كانوا أوَّل من حارب هذا المشروع وواضعيه.
عبد الإله بن كيران:
المغرب والحمد لله لم يعرف -يعني على الأقل رسميًّا- أي تمييز عنصري لا في الوظائف، لا في المسؤوليات،لا حتى في التعامل، المصاهرة بين الذين أصولهم عربيَّة وأصولهم أمازيغيَّة لا تتوقف، فهنالك وحدة حقيقية، وهاجسنا نحن هو هذا، هو أن يحُفَظ للمغربي وحدته، في إطار الوحدة يمكن أن يقع فيه تنوع غير ضار بهذه الوحدة لا يكون أيَّ مشكلة.
حسن الراشديّ:
وبين ما هو ثقافي وما هو سياسي، تقف الحركة الأمازيغيَّة في المغرب عند منتصف الطريق، إذ ظهرت أصوات تنادي بضرورة التأطير السياسي للأمازيغ داخل هيئة أو حزب سياسي أو ما شابهه، وهي فكرة لم تصل حد النضج بعد.
خالد بويشو:
لا جدوى من تشكيل حزب سياسي، وخندقة الحركة أو خندقة القضية الأمازيغيَّة داخل حزب، لأنه سيبقى متقوقع، ومثلما هو محصول [حاصل] للإسلام السياسي كأحزاب، وهذه الفكرة ستدفع بالتطرف ولعدة أمور، في حين أن الهمَّ ثقافي محض، أما التعريف بالقضية الأمازيغيَّة والثقافة الأمازيغيَّة والموروث الشعبي الأمازيغي، فهو من مفروض أن يكون هم كل حزب في المغرب يحترم نفسه.
الحسين أخياط:
لكن هل هناك إمكانيَّة خلق حزب سياسي من هذا النوع؟ لا أعتقد، لأنه -أولاً- كل المغاربة أمازيغ، والأحزاب السياسيَّة الموجودة حاليًا كل قواعدها وأحيانًا قيادتها أمازيغية، فليس مطروحًا خلق حزب سياسي، لأن المسألة الأمازيغيَّة نعتبروها قضية وطنيَّة، قضية كل المغاربة على اختلاف مشاربهم السياسيَّة سواء -طبعًا- التقدميَّة، الاشتراكية، أو الليبراليَّة، أو اليمين، أو اليسار الإسلامي وغيره.
إذن لا يمكن أن نتصور حزب سياسي يأخذ المسألة الأمازيغيَّة فقط على انفراد ليبني عليها مشروعه السياسي، إذن بالنسبة لنا يمكن أن نعتبر أنفسنا قوة ضاغطة -إن كان أن نستخدم هذا المصطلح- قوة ضاغطة في المجتمع بجانب القوى الأخرى كلها في الساحة الثقافيَّة والفكرية والاجتماعيَّة، على الأحزاب السياسيَّة وعلى الدولة لتحقيق هذه المطالب، إذن من هنا أقول: إنه خلق حزب سياسي في الظرف الحالي لا أعتقد، لأنه لن يخدم حتى المسألة الأمازيغيَّة.
حسن الراشديّ:
الواضح أن الدعوة التي بلورتها الحركة الثقافية الأمازيغيَّة أدَّت إلى خلق مفاهيم ويقينيَّات سابقة، لكن السؤال: هل المطلب الحضاري بإحياء ثقافة الأغلبيَّة من سكان المغرب لا يعدو أن يكون نزعةً؟ وهل يقبل المعارضون للحركة الثقافية الأمازيغيَّة بالاعتراف بلغتين ظلتا متعايشتين منذ الأزل؟

المصدر: الجزيرة

أسماء الشهور بالأمازيغية ...

أسماء الشهور بالأمازيغية //الشهور والامازيغية... ...//الشهور بالأمازيغية ...

كيف نكتب الأمازيغية بحروف لاتينية

السبب هو عدم فهم بعض الكلمات التي كل شخص و لديه طريقة كتابتها...في هذا الموضوع حاولت أن ألخص لكم هذه الحروف و أتمنى أن تطبقونها لكي تفهموا ما تكتبوا لبعضكم البعض أكثر, و لكي لا تقعوا في ما لا تحمد نتائجه...مثل ما وقع لي ذات مرة في البالطولك ,حيث كتبت جملة فيها كلمة (الذباب) بالأمازيغية , و بعد 5 ثواني وجدت نفسي خارج الغرفة,...هههههههههههههههفهمها الأدمين و قرأها بطريقة خاطئة, رغم أن نية و أفكار أفولاي كانت و غالبا ما تكون إجابية ....هههههههههههه
هذه الحروف منها البسيطة و منها المركبة ,فمثلا كتابة حرف الخاء هكذاX, أحسن من: KHو نفس الشيء مع حرف الشين: C=CH, و :u=ou.o ....في الأصل , لا يوجد في الأمازيغية حرف يسمى أو ينطق: o هناك من يعبر عن الحرف (هـ) بالرقم 8 , و هناك من يعبر عنه بالحرف:hو هناك من يعتقد أن هذا الأخير هو حرف الحاء ,,, وهنا يقع الخلطو لهذا اخترنا الرقم 7 ليقابل حرف الحاء و الحرف: h إخترناه ليقابل حرف الهاء ...
Mac7ar = شـْـــ(حـ)ــار ؟؟ = كم؟؟Achar = أشـــ(هـ)ـارو ليس :أشار ,لأن أشار بمعنى إسْرق,تكتب هكذا :Acar , لأن :chهو حرف الشين في الفرنسية, إذن نحن هنا نكتب بالأمازيغية و ليس بالفرنسية...سبب الخلط عندما أراد العرب التعبير عن كلماتهم باللاتينية أخذوا الحروف اللاتينية كما تنطق في العربية كـ:ch=ش, لأن c بوحده ليس هو: (ش) في العربية.لأن: سّي=c و كا=ca ...الخ.و لكن نحن الأمازيغ أخذنا: ش=c لأن هذا الحرف يشبه في الكتابة حرف الشين الأمازيغي, و نفس الشيء مع : خ = x...رغم إختلاف اللفظ. و هكذا...

إخترنا بعض الأرقام لتقابل بعض الحروف , لأنها تشبه الحروف العربية من حيث الكتابة و النطق ,و الحروف الأمازيغية و لكن من حيث النطق فقط, و أختزلنا و ركّّـبنا بعض الحروف اللاتينية لكونها تشبه حروف التيفيناغ الأمازيغية من حيث الكتابة و كذلك من حيث النطق ...قمت بتركيب بعض الحروف اللاتينية لتقابل بعض الحروف الأمازيغية لكون هذه الأخيرة ليس لها مقابل سواء في اللاتينية أو العربية .و أخص بالذكر هنا , الحروف الثلاثة الأخيرة الموجودة في عمود الحروف المركبة ....خـــاتمة كل من لديه ملاحظات عن هذا الموضوع فليفدنا بها أنا في انتظار ردودكم ...كان هذا لمن لا يعرف الكتابة و القراءة بحروف التيفيناغ , ولكن تبقى كتابة الأمازيغية بحروف التيفيناغ هي الأحسن و الأفضل و الأنسب....أيووز.
arouit.com//Afulay

الأربعاء، ٢٠ فبراير ٢٠٠٨

الثلاثاء، ١٢ فبراير ٢٠٠٨

الفصل الأول : III تطور الشعر الامازيغي(2-2-المجموعات)

‌أ- مجموعة أرشاش :
ظهرت مجموعة " أرشاش " سنة 1979 و كانت مؤلفة من خمسة عناصر : " علي شوهاد " ، محمد صالوت " من منطقة أبركاك و " الحسن وخاش " و " ابراهيم اسكران " من منطقة اسافن تم " عزيز الهراس " من أربعاء تافراوت ، هاته العناصر اجتمعت لتفتح مسلسل الانتاج بتسجيل أول شريط سنة 1980 . فالمجموعة ظهرت لسد الفراغ الحاصل في الساحة الفنية المتمثل في غياب الكلمة الهادفة فهي واعية تمام الوعي بالوضع و الحالة المزرية للاغنية السوسية . و مجموعة أرشاش تتبنى مبدأ متميزا يتمثل في أنها تغني ما تريده و ليس ما يريده الجمهور و هذا ليس من قبيل الانانية و لا من باب اللامبالات باذواق الجمهور، بل أن المجموعة ما دامت تتخد وجهة الفن الهادف عن إيمان و اقتناع فلا يمكن أن تحيد عنها . و الغناء عندها ليس رسالة مقدسة و ليس ترفيها أو ملئا للفراغ و حاملها يجب أن يكون ملتزما. و المثير ان اسلوب المجموعة يختلف عن المجموعات الاخرى فهي تتناول المشاكل الاجتماعية بصيغة تفاؤلية عكس المجموعات الاخرى التي تتمتع أغانيها بمستوى عال ، لكنها تسرف في التشاؤم ، فالاغنية الهادفة في نظر " أرشاش " ليس الاغنية المتشائمة كما أنه ليس من مصلحة الفن الملتزم الظهور بمظهر الضعف و الانهزامية .أن المتناول لاغاني المجموعة سيلاحظ مدى التزامها و كذا سيقف على سمات التنوع و التباين في المواضيع . فمن خلال استقرائنا و سماعنا لمجموعة من اشرطة المجموعة نجدها تتناول مواضيع جادة و ملتزمة . الا أن ما أثار انتباهنا هو الحضور القوي للدهر في اشعار المجموعة و هيمنته على غالبية الانتاج . و هذا يوحي بأن المجموعة وظفت مفهوم الدهر للتعبير و معالجة قضايا مجتمعية و هموم و مشاكل متجدرة من الواقع المعيش و هذا سيتوضح أكثر حين نورد هذا النوذج من السياق :

متا زما ناد رزنتاس كا و الن

ء ور ءيلي ءونزار ءورترغيت ءاتا فوكت

يوسيد توزلين ءيكاد لموس غ ء يفاسن

تانا ءور ءيلين تاضوط ءيكساس ءيلم

ما لهذا الزمن تعكرت عيناه فلا المطر يهطل و لا الشمس تدفئ ، حمل المقص و السكين في يديه فكل شاة لا تحمل الصوف يسلخ جلدها ء .
ءيزاكي زمان نكسوض أسرنغ ءيشمت
تعريب :
يطاردني الزمن فخفت أن يشمت بي .
يساول زمان س ويدات ءيتابعان

ءيغ ءيطاف يان لمال كا داس ءيزضار

تعريب :

تحدث الدهر إلى من يتبعه ، ذو المال هو القادر على أن يدركني

أن ما يستخلص من هذا هو أن الدهر لا يمكن تجريده من المحيط إلاجتماعي و الاقتصادي و السياسي لابداعات المجموعة بل وظف بذكاء كرمز لتناول هموم و قضايا المجتمع ، و هذا التوظيف ليس اعتباطيا ، بل لـه ما يبرره فمفهوم الدهر و الزمن ذو بعد شمو لي فهو يحل على الزمان و المكان و الظروف و الملابسات بشتى أنواعها .إلى جانب طغيان عامل الدهر و الزمن على أشعار المجموعة ، نجد أن هذه الاخيرة تعالج ظواهر أخرى كظاهرة الفوارق الطبقية ، فمن خلال أغانيها نستشف مدى معانتها و اصابتها باسم استفحال الفوارق الطبقية في المجتمع ، و تباإن المجموعة لم تهتم في أشعارها بظاهرة الفوارق الطبقية قط ، بل نجدها تتحدث عن تناقضات المجتمع و انهيار القيم . و الشعر - المجموعة - يتحدث بحسرة و اسف عن واقعه الحالي و هو واقع الفئات المحرومة و لم يفته استحضار ماضيه لابراز الفرق و اتساع الهوة عد الاحوال المعيشية للفئات و تكاثر خطة الاصلاح لم يزد الامر إلا اتساعا في الهوة .

يقول الشاعر :

ءازمز ئيزرين نسكر كيس مكلي نر

نزنزا سغيغ نشا كنغ ءور مريتغ

نكا يا غ مدن تاداليت تحرمانغ

تعريب :
في الفترة المنصرمة فعلت كل ماشئت ، بعت و اشتريت ، أكلت و نمت دون عناء و كنت واحدا من الناس لم أذق مرارة الدل قط .و يبدو أن الفرق كبير بين ماض زاهر و حاضر تفاقمت فيه الاوضاع و ازدادت خطورة ، فاصبحت كل الميادين مهددة بالتصدع و الانشقاق يقول الشاعر ( المجموعة ) :

توت نملت ء يفرضن فغن كولو وامان

ءايليد كيسن ياكورن ءيسوتن و اكال

تعريب :
ضربت الشقة السدود ، فتسربت جل المياه أما الباقي فامتصته التربة .فهذا تصوير مؤثر لكارثة عامة ، ستعصف بكيان المجتمع و هو بمثابة تحدير و توبيخ للمجتمع نفسه خاصة للمسؤولين ، و المجموعة ترجع انهيار القيم و تناقضات المجتمع إلى عنصر المال

يسرخاص زلض ءاركاز ءيغ ءورء يطاف

تعريب :

الفقر يحط من قيمة الرجل العديم المال

يقول الشاعر ( المجموعة ) كذلك :
يان دار أقاريض نسوياس تاسا ندلت ءيس

ءيغ نيت نان ءارعم ءويلن كاند

يعزان ءاساسن تينين ءالغنت ءارضصان

تعريب :
من يملك المال نفرش لـه القلب و نغطيه به ، إن قال ان الجمل قد طار وزار القمر يقال له صدقت و يمدحونه صادقين .
و هذا ما شجع تفشي الفساد و الرشوة في أجهزة المجتمع حتى أصبح فساد التفكير المادي في الهرم السلطوي .
وفي ختام هده الملاحظات والخلاصات عن المجموعتين معا لابد من تسليط الضوء على بعض المفارقات ، فاذا كانت مجموعة " أرشاش " تعتبر بكونها لم تظهر في الحفلات والاعراس قبل تسجيلها الشريط الاول . فان مجموعة " ازنزارن ع الهادي " كانت مندمجة في هذا الجو ، لكن الملاحظ الان أن المعادلة انقلبت فأصبحت مجموعة " أرشاش " تقبلو بشكل مكثف على المشاركة في الحفلات مقابل عزوف مجموعة "ازنزارن " عن هذا السلوك .
و الوجه الثاني للعملة يتجلى في الانتاج الغزير و القليل لمجموعة " ازنزارن " التي ترى أن العبرة ليست بالانتاج الغزير ، بل بنوعيته و ما هيته. فهي تحرص على أن يكون الفارق الزمني بين كل انتاج طويلا ليتسنى للجمهور فرصة العودة للإنتاج السابق ، في حين ترى مجموعة " أرشاش " أن ضآلة الانتاج يمكن اعتبارها تقاعسا و بخلا ، فالغياب الطويل عن الجمهور من شأنه أن يبعد الفنان الملتزم عن جمهوره .

الفصل الأول : III تطور الشعر الامازيغي(2-1-المجموعات)

‌أ- مجموعة إزنزارن " عبد الهادي إكوت " :
تكونت هذه المجموعة تحت اسم " المجاديل " و هو اسم ظهرت به المجموعة ، و المجاديل يعني كل ما يعلق في الحزام و في التياب و قد سجلت هذه المجموعة أغنية في إذاعة أكادير سنة 1975م ، إلا أن أفرادها عدلوا عن هذا الاسم ليختاروا اسم " ءزنزارن " و هو واحد من بين الاسماء الثلاثة المقترحة و هي " المجاديل ، امنارن ، ازنزارن " و اختيار هذا الاسم لـه ما يبرره لدى المجموعة فهذا الاسم يعني الاشعة و التي ستكون بمثابة اضواء كاشفة على التراث الفني .لقد كان انفصال المجموعة عن " الشامخ " سنة 1975 نقطة تحول في نهجها الفني كمتنفس رحب للطاقات الابداعية الملتزمة و الموهوبة . فالسبب في هذا الانفصال هو انقسام المجموعة إلى قسمين : قسم يرى أن ظهورها يجب أن يشكل تغييرا حقيقيا ليس على مستوى الشكل فقط بل على مستوى المضمون ، و ذلك بعدم تكرير المواضيع العاطفية و أغاني الحب بل ستغلال الفرصة المتاحة لخدمة أهداف معينة مرتبطة بالواقع المعيش . بينما يرى الاتجاه الاخر أن الهدف من الغناء هو الترفيه و التنشيط ، و لا يمكن فصله عن العواطف و الحب و هذا هو اتجاه " الشامخ " الذي انفصل عن " ع الهادي " و كون مجموعة تحمل نفس الاسم مما جعلنا امام مجموعتين من " ازنزارن " احداهما لا تخرج عن المواضيع المتداولة و الرائجة بكثرة في الساحة الفنية و هي المجموعة التي كونها الشامخ و الاخرى التي انفصل عنها هذا الاخير ، و التي كانت تتكون من " مولاي ابراهيم " " عبد الهادي " " عبد الله أو بلعيد" و " بوفرتل " و كانت هذه المجموعة تعارض اتجاه الشامخ و ترى أن خلق واقع فني جديد لا يجب أن يقتصر على الشكل فقط بل يجب أن يتعداه ليشمل المضمون ايضا و منذ الثمانينات نجد فكرة لدى " ازنزارن " و مشروعا وضعوه نصب أعينهم و هدفا يسعون إلى تحقيقه ، ألا و هو الاغنية الملتزمة و هذا ما نستشفه بوضوح من خلال شريطي( 1981 – 1984 ) إذ يبرزان الوجه الحقيقي للمجموعة . فإيمانا منها بالرسالة التي الت على نفسها أن توصلها تتشبت المجموعة بأفكار و هي بمثابة مبادئ تعتبر سرها في استمرارها و من أهمها :
*ليست العبرة بالانتاج الغزير بل العبرة في ما هية هذا الانتاج .
*ألا تعتقد المجموعة أن مكان عملها هو الحفلات و الاعراس فذلك يتناقض و مبادئها بل يكتفي بالقيام كل سنة بجولة في المدن المغربية الكبرى .
*تؤكد المجموعة أن التعامل مع التراث لا يمكن أن يتم عبر إعادة إنتاج ما سبق لقدماء الروايس أن انتجوه ، فهي تعارض بشدة المجموعات التي تعيد ما سبق للحاج بلعيد مثلا أن غناه .و قد لا يختلف اثنان أن هذه المجموعة و ما قامت به من تطوير و تجديد للاغينة تعتبر عن جدارة و استحقاق رائدة الاغنية و الشعر المعاصر . فقد امنت منذ الوهلة الاولى بأن مهمة الشعر لا تكمن في الترفيه و التسلية بقدر ما يفرض كيانه كرسالة و خطاب بلاغي و مسؤولية و أمانة في عنق الفنان عليه تحملها و تأديتها على أحسن وجه . و الواقع أن المجموعة لم تتراجع قط عن قناعتها و مبادئها بل زادها مرور الايام صلابة و حنكة و تجربة . فتعالت بذلك عن القيم الوضاعة و الانحطاط من خلال التحامها بالقضايا الجوهرية للانسان و تجسيدها لمعاناته ، فمجرد استقرائنا لبعض اشعار المجموعة يتضح لنا مدى التزامها و فيما يلي مقطع من قصيدة " ءيزليض " أي السيل
ء يفد ءيترم ءومالو تيفاوين ءس روحنت
ء اراد ءانجود س – ووال غ – ءوزمزاد نفاسرت
ماس تكا صابت ءامازوز ءيك ءوزمام ءامداغ
ء يكلي واسيف ءادرار ءيضالب لبحر لامان
ءيكاد لهول شبايك نك نكني غ ءيسلمان
ءيك لغدر ءانميور ئيك لمان ءابوكاض
ء يكا ووشن ءامكسا ءيكاسن ءومكسا ءامساغ
ءيش ووشن ءامكسا تكاك تيلي تاغوييت
ءءيك واجبير لكنز ءيك طمع اغاراس
اركاز ءيكات لمال بولعاقل ءيكا ءانواش
تعريب :
فهذا المقطع يتحدث عن تفكك العلاقات الاجتماعية و اندثارها من زوال بعض القيم كالثقة و الامان ، مقابل حضور قوي لقيم أخرى مثل الغدر و الخديعة و النفاق و الكذب بل و اكتسابها للمصداقية في الواقع الحالي . ثم تحدث الشعر عن تزعزع قوانين الطبيعة بسيطرة الضعيف على القوي و احتواء الاصغر للأكبر و انتصار الجزء على الكل .و نجد كذلك مجموعة من اشعارهم تدعوا إلى نبد الخلافات وطي صفحة التفرقة و التشتت و فتح صفحة أخرى تملأها الوحدة و العمل الجماعي و الاتحاد في القول و الفعل. يقول الله عز و جل : و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا
[1] فالوحدة ضرورة حتمية و موقف يجب أخده بعين الاعتبار فيها نسترجع الحقوق و الاصرار عليها و التمسك بها هو السبيل لتأكيد الذات
[1] سورة ال عمران ، آية : 103
.

الفصل الأول : III تطور الشعر الامازيغي(2- المجموعات)

إذا كانت اشعار انضامن و أغاني الروايس قد استأثرت باهتمام الانسان السوسي، فإن هذا الاهتمام بدأ ينحصر تدريجيا بعد ظهور المجموعات من قبل طاقات شابة رأت أن الوضع الغنائي السائد لا ينسجم و طموحاتها في التجديد ، مما دفعها إلى خلق أغنية بديل تملأ الفراغ الكيفي و النوعي الذي تعاني منه الاغنية بسوس . فهذه المجموعات أتت لترد الاعتبار للأغنية الامازيغية و تخرجها من دوامة الابتذال و لتحقق طفرة نوعية تتمثل في تجاوزها لأغاني الروايس على مستويات عدة : فمن جانب المضمون يلاحظ ملامسة أغاني المجموعات لمواضيع جديدة و معانقتها لقضايا مجتمعها الملحة ، أما من جانب الايقاع فقد شهد تعديلات جدرية تتمثل في دخول آلات جديدة ، أما على مستوى الطريقة و الاداء يلاحظ توزيع الادوار بين أفراد المجموعات خلافا للروايس الذي يحتكر فيها " الرايس " مهام وضع الكلمة و اللحن و الغناء . و كانت بداية المشوار مع مجموعة "ءوسمان " كأول مجموعة تغني بالسوسية حيث ظهرت سنة 1976 لكن سرعان ما فتر الحماس و خبت العزيمة و تبين أن هناك شرطا آخر من شروط الاستمرار و العطاء الفني أغفلته المجموعة ألا و هو الانضباط و الانتظام بين أعضاء المجموعة ، و هذا ما عجل بانطفاء بريق " ءوسمان " و يمكن أن نقول أن ظاهرة الاختفاء أصبحت مألوفة في المجموعات الغنائية المعاصرة بسوس و نمثل لهذا بمجموعات : " لقدام ، ءيزماون ، توادا ، ءيتران ، " و السبب الاول في شيوع هذه الظاهرة هو غياب الوعي الكامل بدور المجموعة و برسالتها الفنية ، أما السبب الثاني فيتجلى في انعدام الانسجام بين أعضاء المجموعة الواحدة علاوة على تباين الاهداف ، فهناك من يسعى إلى الشهرة و الظهور و هناك من يتخذ الغناء و سيلة للمرور للجنس الاخر بينما هناك البعض الاخر يجري وراء الكسب المادي ، و سنقتصر في مبحثنا هذا على مجموعتين فقط و هما مجموعة " إزنزارن عبد الهادي " و مجموعة " أرشاش " باعتبارهما من رواد الشعر المعاصر .

الفصل الأول : III تطور الشعر الامازيغي(1.انضـــامــــن)

لقد سبق و أن قلت في بداية بحثي أن الشعر الامازيغي مر من مرحلة الشفهية إلى الكتابة ، و هذا يعني أنه قبل الوصول إلى مرحلة التدوين و الكتابة فإنه قد مر من مراحل أخرى ، فقد كان في الاول شفهيا حيث يؤخد من شعراء شعبيين أو ما يطلق عليه " انضامن " و جاء من بعد هذه المرحلة ما يسمى " الروايس " ثم بعد الروايس جاءت " الدواوين " و من بعدها " المجموعات " و نحن في مبحثنا هذا سنتطرق فقط لا نضامن و المجموعات .
1. انضـــامــــن .
كلمة " انضامن " مأخودة من نضم ينضم نضما و " انضامن " او ما يطلق عليه شعراء اسايس ينضمون الشعر في نادي اسايس فتؤخد منه الحكم و المواقف ، فهم من حملوا مشعل التوعية بعيدا عن الجوائز و دور النشر و التوزيع ، لا يحتفل بعيد ميلاده و لا تقام الذكرى لوفاته بل و يجهل مواطنوه كل شيء عن حياته ، هذا الشاعر الشعبي الذي أهتمت به الدراسات الاجنبية و تجاهلته الدراسات الوطنية هو نفسه الذي أعطى كل ما يملك للوطن زيادة على مساهمته الفعالة في تبليغ الديانة الاسلامية لقبيلته ، فهو الناطق باسمها و المدافع عنها .
إن " ءامرير " أو " ءانضام " يحكون أخبار الماضي و الحاضر و يلمحون للمستقبل بعيدا عن خشبة الاضواء الكهربائية بلباس شعبي متواضع . و مدرسة أسايس ينعدم فيها التمايز الطبقي و يلتقي فيها المجتمع بكل شرائحه ليمضي لحظات كلها أخد و عطاء . فالشاعر الشعبي يفتح نافدة عريضة على جمهور لا حد لـه فيقوم بدور مهم في التوعية الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الدينية ، أضف إلى ذلك أنهم يرفهون على الفلاح و العاطل ، و كما هو معلوم " فانضامن " يطلق عليه " ءامرير " و يطلق عليه كذلك " ءامدياز " أو " ءانشاد " هذا الاخير لابد لـه من شروط و مواصفات لكي يكون دخولـه إلى نادي أسايس دخولا شرعيا فقبل ولوجه إلى الميدان يتحتم عليه :
*أن يكون قادرا على صياغة الشعر و احترام ضوابطه الفنية .*
*أن يتطلع في لغته لفظا و معنا و صياغة .أن يكون مطلعا اطلاعا تاما على قضايا مجتمعه
اما بعد دخوله إلى الميدان فيجب عليه :
* أن يتصف بالرزانة بعيدا عن التسرع و الاندفاع .
*ان تكون أساليبه متنوعة .
*أن يكون ملتزما إلى أقصى الحدود .
*أن يكون جريئا في نقد الاوضاع و إتارة العواطف .
عند ما نتحدث عن " انضامن " أو بالاحرى كتاب الجرائد الشفوية فإنه بطبيعة الحال نستحضر مجموعة من شعراء اسايس أمثال " لحسن اجماع " و إحيا بوقدير أزدو " و " عثمان ازوليض " و " عمر الحنافي " و " بوزنيغ " و " مبارك بن زيدا " و "عمر أجوي " و غيرهم من الشعراء الذين تسلقوا سلاليم العبقرية في هذا الميدان و استطاعوا بشفاههم تدوين صفحات مشرقة من صفحات الحركة الوطنية بالجنوب و لا بأس من التطرق لبعض هؤلاء الشعراء :
‌أ- عمر أجــــوي :
هو عمر بن محمد بن مبارك المشهور بالرايس عمر اجوي و هو من مواليد دوار أيت برييم و يلقب بشيخ الشعراء . و فكرة الحديث عن هذا الشاعر لم تأت اعتباطيا فيكفي أن نعلم أن الرايس عمر قد توزع على مجالين ابداعيين هما أحواش و فن الروايس ، و يكفي أيضا أن نعلم أنه نزل إلى اسايس منذ سن مبكرة منافسا بذلك أصحاب الباع الطويل ، و قد وجد كالمعتاد صعوبة في فرض صوته في هذا المجال لكن بعد تجارب كثيرة ومديدة و الاصرار الواضح تمكن من أن يجد لـه ملاذا في ملكوت الشعر . و الشاعر عمر كان ذا إلمام بقواعد أسايس وذا موهبة فذة و هذا كله بفضل صحبته لكبار مبدعي عصره .
يقول عمر أجوي
أك أوصاح هان لغرض أس سول إلا واوال
أوكان كيك لغرض أرك إتيري كيوان
أتاريالين إخور حاضيرنت إيان
لمال أيلان أتيك أور إنا يان نكين
الشاعر عمر في هذه الابيات يشير إلى زحف القيم المادية للمجتمع و إفسادها للعلاقات الانسانية في المدن و البوادي ، نجده كذلك في مجموعة من أشعاره يتحدث عن الحب و عن الصداقة ، و هذا يعني أن قصائده تتناول مختلف الاغراض إلا أن المجال الذي ينفرد به و الذي أبدع فيه ما لم يبدعه غيره هو مجال الحكاية و الاسطورة في قصائد مطولة تحتوي الشخصيات و الاحداث و الامكنة ، فتضفي عليها الكلمة الشعرية أبعادا جمالية رائعة . و الحكايات تتعدد أشكالها بين الحكاية الدينية و الاجتماعية و التاريخية و يتناول إلى جانب الحكايات بعض الوقائع و الاحداث الاجتماعية أو الاحداث التاريخية التي عرفتها سوس و المغرب ككل . و تتميز عنده من الناحية الايقاعية العروضية باستعمال الاوزان الاكثر تنغيما و اتساعا لحجم أحداث الحكاية مثل :أي لا لا لا لا لا لا ي لا لا ي دالال . و من أهم الحكايات و الاساطير التي قام بنضمها عمر حكاية تودد الجارية التي هي من حكايات ألف ليلة و ليلة بالاضافة إلى قصص الانبياء " كموسى و عيسى و يوسف " و غيرهم . و ما يثير الانتباه في القصائد التي تضم القدرة العجيبة للناضم على ادراك الابعاد الانسانية للاحداث . لقد امتد العمر بالشاعر أجوي فعاصر الجيل الحالي من الشعراء الشباب و المجموعات الغنائية، و ان لم تكن جميع مظاهر التجديد في فن الغناء الامازيغي قد راقت لـه ، فإنه رغم ذلك خاض نسبيا في تجربة التجديد بما نضمه لبعض الشباب المعاصرين على أوزان تتلائم و ذوقهم الموسيقي .
لقد امتد العمر بشاعرنا فتجاوز الثمانين من عمره ، و بانصراف الناس عنه بدأ يتحسر على ايام كان فيها يسابق الزمن و يشغل الناس بفنه . و معاناة العزلة و مغادرة الاصدقاء لعالم الشاعر تجعله ينظر لنفسه ككائن منسي و تظهر هذه المعاناة من خلال الابيات التالية :
أرجا فلله الحباب إخسان أرد رمين
أرد سول زضاراخ أد لكمخ مدن عدلنين
إخ نكن أرغييض أرتخميمخ الاخبارنخ
نحاسب إمد وكال أفاحن ميا د لا لوف
إن شخصية " عمر أجوي " و ذاكرته التي قل نظيرها وتراثه الشفاهي الضخم لا يجب أن يبقى منضوما في قصائد فيأتي زمن فتضيع . فعلى المسؤولين على الثقافة بصفة عامة و الشعبية منها بصفة خاصة في بلادنا أن يقوموا بجمع قصائده و محاوراته في ديوان فيكون ذلك اعترافا ببعض ما أسداه للثقافة الوطنية وبمثابة تشجيع للأخرين .
‌ب- مبارك بن زيدا
سبق و أن تحدثنا عن الشروط التي يجب أن يتوفر عليها الناضم بعد دخولـه هذا الميدان ، و منها أن يكون جريئا في نقد الاوضاع و إتارة العواطف . فالجرأة إذن هي القوة التي تدفع الشاعر إلى الوقوف أمام عشاق هذا الفن من مختلف الاعمار ، تنظر إليه العيون و تسمعه الاذان بجادبية فريدة تستحثه على المضي إلى الامام و الافصاح عن كل شيء غير مبال بمن حولـه ، و اختيارنا لهذا الناضم لم يكن وليد الصدفة فهو من أكثر الشعراء جرأة ، و الحديث عنه يتطلب منا وقوفا طويلا لأنه نموذج فريد من نوعه بين شعراء جيله ، فهو سريع الانفعال لاذع اللسان جريء في ردوده إلا أن أهم ما يميز " مبارك بن زيدا " إضافة إلى جرأته أنه كان متواضعا ، ففي مساجلاته المشهورة كان يبدأ بذكرعيوبه و لا يبادر خصومه بذكر مثالبهم إلا بعد أن يستنفذ ما في جعبته من الموادعة ، و حينما ينفجر يكون كالنهر الجارف الذي يخرب كل ما وجده بجوانب المجرى بدون رحمة و لا شفقة .
لقد ترعرع هذا الشاعر في حضن العبودية فأبوه كان مملوكا لأسرة من مرابطي أيت حساين " بأكادير لهنا " و أمه كانت مملوكة لاسرة من أعيان قرية " أكجكال " بمنطقة أفراو. و كان العرف يقضي ببقاء الابن في حجر أمه و قد كان سواد بشرته منشأ كبريائه و الاعتزاز بالنفس فقد كان منذ صغره مزهوا لا يقبل الدل ، و لذلك اختار الشعر بعيدا عن التصنع و التملق لاستمالة ايادي البر و الاحسان .
لقد بدأ هذا الشاعر يصعد في سماء أسايس ، فإلى جانب حضوره في المساجلات الشعرية الكبرى بين عباقرة الكلمة كتلميذ يحدوه الامل إلى الاخد من هذا الفن ، كان يتدخل كلما سنحت له الفرصة ليبدي رأيه .
إن جرأة " مبارك بن زيدا " جعلته ينضم الشعر في مختلف الاغراض خاصة السياسية فقد كان جريئا حين تحدث عن العملاء الذين تسلموا المناصب بعد الاستقلال و قد اشار إلى أحد هؤلاء متوعدا اياه يقول :
لحاق أرد ءتكا غ ئخف نسن يان ئميك
أسنا غ راد ئفوغ أس ؤر تلا أسافار
ويلي نغانين لهيشت ؤرتن ئسن يان
نيريت س لحفلا د ئحيا ئغتن كانيخ
كل ما كان كوكب الشعر يسمو عند ابن زيدا كلما ازداد مناوئوه بين الشعراء الذين يقاسمونه ميدان أسايس ، لذلك فحكايته مع هؤلاء تعتبر المثال الحي للتحدي الابداعي العنيف فهو في لقاءاته الساخنة مع منافسيه لا يلقي بجميع حباله مند أول وهلة و لكنه حينما تتصدع حفيظته لا يمكن كبح جماحه ، فجرأته لا تماثلها اية جرأة و هي اشبه ما تكون بجرأة جريرالشاعر العربي فقد تجرأ على نفسه قبل أي أحد أخر .
مدن سن كولو تاغاط تالي يى يورونمـدن
شاهذات ئس مزيكخ أنشك ن ووراو
و تجرأ كذلك على امه :
لاه ؤرسار تاهالنح ؤلا نيويتنت
ئغن ؤرنود ئ زيدا س تير شت ن واكال
تكينت أد تزي غ ؤ نوال ت تمكالين
برهانا على تحرره من كافة العقد و القيود ، لقد أصيب رحمه الله بسرطان الحنجرة و الفم بسبب تعاطيه للتبغ بكثرة ، و بجرأته خلق جمهورا عريضا . و نستطيع أن نقول أنه أعطى نفسا جديدا للشعر الامازيغي إذ أنه بالاضافة إلى جرأته فإن اشعاره تفوح حكمة و أخلاقا

الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي :(5. ارتباطــــــه بحياة الانسان )

ان جل الامازيغ في سوس كهولا و شبانا و صغارا ، المثقف و العامي منهم … كل له نصيبه من الشعر ، فإما أن يكون شاعرا مبرزا أو راوية حفاظة ، و إن لم يكن كذلك فقد يكون ذواقا له مغرما بسماعه ، منتملا بروائعه .و الشعراء الامازيغ كغيرهم من الشعراء العرب أو الاجانب لهم ارتباط كبير من خلال شعرهم بحياة الانسان . فمن خلال اشعارهم نجد كل ما يحيط بالانسان من أفراح و أقراح و ما يهم مصيره سواء في الدنيا أو الاخرة ، فالامازيغ يرتبطون بالشعر بشكل عجيب فهم يعتبرونه بمثابة مرجع يرجعون إليه عندما يحتاجون إلى شيء يهمهم سواء كان عن حل لمشكل أو رغبة في معرفة ما سينفعهم في دنياهم و آخرتهم ، و حتى عند الرغبة في الترويح عن النفس فإنهم يجتمعون في سهرات " أحواش " التي يقيمها أبناء قبيلتهم و التي تكون بشكل منتظم ، و كما قال " محمد مستاوي " بهذا الخصوص : « الشعر الحقيقي في نظري هو المعبر عن الالم و الامال سواء أكان التعبير بالرسم أو بالكلمات … و سواء أكان بالعربية أو الامازيغية أو الفرنسية أو الصينية »[1] .
هذه القولة تؤكذ لنا ارتباط الشعر بحياة الانسان ، و أنه يؤدي وظيفته و لو كتب بأي لغة كيفما كان أصلها . إذ العلاقة وطيدة بين الشعر و الانسان بشكل كبير فالامازيغي السوسي يجد راحته و ضالته في الشعر فيلجأ إليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك و حسب نوعية هذا الشعر الذي يرغب فيه و الطريقة التي يريد أن يروح بها عن نفسه ، فهناك من يلجأ إلى : أحواش أو إلى سهرات فنية يردد فيها الشعر الامازيغي ، و هناك مثال بعض " الجماعات الاسلامية " ان صح التعبير كالدرقاويين و اليتجانيين الذين يرددون و ينشدون الشعر بطريقة صوفية تزرع فيهم الخشوع و ذلك بمدح الرسول صلى الله عليه و سلم ، و الشكر لله و ذكر خيراته وما منحه للانسان من نعم و خيرات ….و هكذا فالشعر الامازيغي حاضر بقوة لدى مختلف الشرائح سواء منهم المثقف أو العامي إذ يعتبر هذا الاخير – الشعر – بمثابة الجريدة و الكتاب و المسرح و السينما
[1] " إسكراف " محمد المستاوي ، ص : 3 . ط : 1 .

الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي (4 مراحلـــــــــــه:)

لقد عرف الشعر الامازيغي مرحلتين مهمتين في تاريخه حيث لكل واحدة منها خصائص تميزها عن الأخرى :
الشعر الغنائي التقليدي : يعد الشعر من أقدم الفنون الادبية في الثقافة الامازيغية و هو أكثر الاجناس انتشارا و تداولا في المجتمع الامازيغي قديما و راهنا . و كاد لأهميته و غزارة مادته أن يغطي على الاجناس النثرية خاصة في مجال الدراسات الادبية و الابحاث المتخصصة . و الشعر التقليدي لا ينفصل عن فني الغناء و الرقص إذ يعتبر بمثابة ظاهرة جماعية تندمج في المناخ الثقافي و في الحياة اليومية للمجتمع الذي يتمخض عنها ، و الذي يتوصل بها للتعبير عن أفراحه و أحزانه و انشغالاته ، فيكون انبتاقها مقرونا بالمناسبات الاجتماعية و الدينية التي توقع حياة الافراد و الجماعات ، و لذلك ففي المجتمع الامازيغي ينسحب المصطلح المقابل للشعر " أمارك " في آن واحد على الشعر ذاته كما على الغناء و الرقص الجماعيين ، و هكذا فالشعر الامازيغي غنائي في جوهره مصطبغ بالشفهية و الجماعية اللتين تجعلان منه إنتاجا مرهونا بظروف تواصلية مباشرة و بدونها يفقد أهم مقوماته و وظائفه .
و نظرا للطبيعة الشفهية للشعر الامازيغي ، مثله في ذلك مثل سائر الاجناس الادبية التقليدية فإن الكثير من روائعه القديمة لم يتم تداركها ، كما أن الكثير مما هو محفوظ يحوم الشك حول صحته و نسبته و تاريخه ، لما يشوبه أثناء تناقله جيلا بعد جيل من تحريف و انتحال .
الشعر الحديث : نقصد بالشعر الامازيغي الحديث مجموعة من الابداعات التي ظهرت في العقدين الاخيرين مع ظاهرة تحول الادب الامازيغي من مرحلة الشفهية إلى مرحلة الكتابة و قد دشن هذا التيار بنشر أول ديوان أمازيغي " لهجة تاشلحيت " للشاعر " محمد مستاوي " " ءيسكراف " و التي تعني باللغة الفصحى " القيود" ، و في الوقت الراهن يتمثل التراكم المتوفر في سبعة دواوين مطبوعة من النصوص المنشورة ضمن أعمال ندوات ثقافية أو في المجلات . و هذه الاعمال الجديدة رغم ظهورها في سياق ثقافي واحد فهي ليست تيارا متجانسا يصدر أصحابه عن وحدة في الرؤيا و التصور و التطلعات ، بل هي محاولات فردية لمثقفين من مختلف المشارب الثقافية و المهنية ، لكنها في مجملها تضاف إلى التجارب النثرية الحديثة لتوجيه الادب الامازيغي نحو مسار أدب جديد على غرار الاداب العالمية .
و رغم أن النقد المتخصص لم يهتم بعد بتثمين هذه التجربة فإن الارتسامات الاولية بشأنها يمكن أن تلخص في الخصائص التالية التي تستقرأ من مقارنة هذا الشعر بالشعر الغنائي التقليدي : فالشعر الحديث إبداع كتابي بالدرجة الاولى لأنه لا يرتبط بمجالات الثقافة الشفوية التي ينبع منها الشعر الغنائي ، و هو بذلك يعتمد على النشر في تبليغه إلى القراء و كتابته لا تتم لاغراض تدوينه . و توثيقه يتولاه الباحث و المهتم دون الشاعر – المغني ذاته بل إن الامر يتعلق بتأليف و قرض كتابي في جوهره يقوم به الشاعر – المؤلف الذي يحتفظ بحق إمتلاكه لابداعاته المنسوبة إليه ، على عكس الشاعر التقليدي الذي كثيرا ما يذوب إنتاجه في الملكية الثقافية الجماعية ، و حتى في حال انتقال القصيدة الحديثة من الديوان إلى الاداء الغنائي ، فإن ذلك لا ينزع خاصية الكتابة بقدر ما يكرسه على غرار النصوص المؤداة في الاداب العالمية ، كلمات تؤدى وفق أعراف الشعر الغنائي الحديث .
و بالنسبة للدواوين و القصائد المتوفرة لحد الان و التي أغلبها بلهجة تاشلحيت ، فإن الكتابة تعتمد على الحرف العربي ، على عكس الشعر التقليدي الامازيغي بالجزائر و الذي ينقل بواسطة الخط اللاتيني .
إلا أن أغلب إنتاجات الشعر الامازيغي الحديث تقدم وفق النموذج الشائع على الشعر الحديث في الاداب الاخرى كالشعر الحر بالنسبة للعربية مثلا .يتبين من هذه النظرة الوجيزة عن الادب الامازيغي و أجناسه أن هذا الاخير أدب حيوي لا يشكو من أي قصور جوهري ، و أنه يحمل في طياته بذور إنتعاشه و تطوره إن توفرت الظروف الموضوعية لذلك و هو يستمد حيويته هاته من طبيعة الثقافة الامازيغية التي صمدت عبر آلاف السنين أمام مختلف العناصر المهددة لهويتها ، و لم تزدها القرون المتلاحقة من الاحتكاك بغيرها من الثقافات إلا غنى و رسوخا رغم ما بقيت فيه و لمدة طويلة من شفهية ضاع معها الكثير من ثرواتها الادبية .

الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي (3. موطـنــــــه و أماكنـــــــه )

يمكننا تقسيم بيئة وجود الشعر الامازيغي إلى : مواطن و أماكن .
*الموطن : و يضم المناطق التي تعتبر فيها الامازيغية لغة الحياة اليومية و تمتد من الضواحي الجنوبية لمدينة مراكش لتشمل شمال و جنوب المناطق الغربية للاطلس الكبير ثم سهل سوس و الاطلس .
* الاماكن : و هي المناطق التي لا تعتبر فيها الامازيغية لغة يومية ، و لكن يوجد فيها الامازيغ سواء داخل المغرب أو خارجه . ففي المغرب كل الاماكن التي يوجد فيها الامازيغ بعيدا عن مواطن الشعر ، و بالتالي فالدار البيضاء تعتبر القلب النابض لهذا الشعر قبيل النصف الثاني من القرن الثامن عشر إلى الان إذ فيها يقيم أشهر الشعراء . أما في الخارج ، فإن هذا الشعر يوجد في كل مكان يعيش فيه عشاقه ، يمضون وقتا في إنشاده و يتحاورون به في أسمارهم أو يشاهدونه و يسمعونه من مختلف الاشرطة سواء منها السمعية أو المرئية ، و يمكن اعتبار مدينة " باريز " بفرنسا أهم مكان خدم الشعر الامازيغي في الخارج ، إذ بهذه المدينة سجلت القصائد المغناة في الاسطوانات منذ النصف الاول من القرن الثامن عشر إلى اليوم ، و فيها صدرت أهم الكتب التي تناولت هذا الشعر ، علاوة على أن باريز تعتبر أهم مكان ( ملتقى ) يلتقي فيه الشعراء الممتازين سواء من يعمل منهم في أوربا أو من يعمل في لمغرب.

الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي (2. نشأتــــــه و ازدهـــــــــاره :)

لقد اهتم المغاربة بالشعر الامازيغي قبل دخولهم في الاسلام « فقد تبث أنهم كانوا ينظمون الملاحم على عهد الرومان يسجلون فيها بطولاتهم و يتمدحون بما عندهم من أمجاد »[1] و يظهر أن ازدهار هذا الشعر كان مستمرا حتى بعد مجيء الاسلام ، إذ عثر محمد المختار السوسي[2] على ملحمة تصفح فتح إفريقية ، و حتى بعد قرون من انتشار الدين الاسلامي في المغرب . فهناك ما يشير إلى أن الشعر الامازيغي كان لـه دور و تأثير على النفوس ، و في القرن العاشر الذي كان عصر الصوفية الذهبي في سوس بقي الشعر الامازيغي نشيط و نفهم هذا مما قام به الفقيه النحوي " يحي بن سعيد الكزامي " ، إذ أخد حكاية شعرية أمازيغية فعربها في قصيدة تجاوزت الثلاثين بيتا أولها :
الحمد لله ذي الجلال ما أعظمه
سبحانه علا وجل ما أكمله
و في القرن الحادي عشر ، نجد ما يفيد أن الشعر الامازيغي كانت لـه مكانته ، و من ذلك " أمحاولو الايسي "
[3] تقدم بقصيدة عربية يمدح بها سيدي علي بودميعة أمام جمع كبير من العلماء و الصالحين و الاشياخ ، ثم قام أحد شعراء الامازيغية ليمدح بدوره ، غير أن بعض الفقهاء أراد أن يسكته فأمر " بودميعة " ذلك الفقيه بأن يدع الشاعر ينشد ، فلما أتم إنشاده علق أحد الحاضرين على الشاعرين بقولـه : « … لا أدري ما الفرق بين الرجلين إلا إذا عظمنا العربية » .و في القرن الثاني عشر و في هذه الفترة كان الناس في حاجة إلى ما يقوي إسلامهم باللسان الامازيغي الذي لا يعرف العامة حينئذ سواه ، و من أجل ذلك قام بعض الفقهاء بترجمة كتب فقهية من العربية إلى الامازيغية فأقبل المتعلمون على نسخها و تهافت العوام على حفظها و تطبيقها . و الترجمة في هذه المرحلة لا تعني ضعف الشعر الامازيغي في ذلك العصر بقدر ما هي إغناء لموضوعاته و تزكية لقيمته و تأثيره في النفوس . و قد برز في ميدان الشعر في هذا العصر الشاعر " سيدي حمو أوطالب " . و يأتي القرن الثالث عشر ليؤكد استمرارية حظور الشعر ، و اهتمام مختلف الشرائح به ، إذ في هذا القرن كتبت العديد من الاشعار بالامازيغية ، فحتى شعر الملاحم فإنه ظل موجودا و الذي سمعنا بازدهاره قبل الاسلام ، و قد ذكر " محمد المختار السوسي " أنه سمع يوما من الشاعر " ابن أيفيل " قصيدة بليغة في الواقعة التي كانت عام 1921 ، و قد صدرت عن السوسي عبارة تعكس بجلاء مدى تأثره بتلك الملحمة إذ قال : « فإذا بي أشده بتصوير ذلك و ترتيب وقائعه … » .
و يأتي أهم هذه القرون و هو القرن الرابع عشر ، و الذي سيحظى باهتمام خاص باعتباره عصر تجدد انطلاقة الشعر الامازيغي .
و بعد أن تطرقنا لأهم المراحل التي مر منها الشعر الامازيغي فإن القرن الرابع عشر يعتبر عصر تجدد انطلاقه سواء من حيث الابداع أو التدوين أو الدراسة ، ففي نصفه الاول كتبت مقالات حولـه، و تناولته كتب أخرى بالدراسة كما صدرت منه دواوين مترجمة ، و كان هذا بلغات كالالمانية و الانجليزية و الفرنسية ، و في هذا القرن عاش أبرز الشعراء المرموقين و المعروفين لدينا اليوم و في مقدمتهم " الحاج بلعيد " المتوفي سنة 1946 و " الرايس الحسين جنطي " المتوفي سنة 1975 و " الرايس الحاج محمد الدمسيري " المتوفي سنة 1989 و " فاطمة تحيحيت " ، كما نجد مجموعات غنائية التي تغني هذا الشعر مثل مجموعات : " ءيزماز ، أرشاش ، إزنزارن … "
.
[1] عباس الجراري " من وحي الثراث " ص : 137 . مطبعة الأمنية الرباط
[1] محمد المختار السوسي " خلال جزولة " ج/3 . ص : 120 . مطبعة المهدية . تطوان .[1] أمحاولو الادريسي المتوفى سنة 1112 هـ



الفصل الأول : II. الشعر الامـــــازيغـــي.(1. تعـريفــــــــه :)

II. الشعر الامـــــازيغـــي :
1. تعـريفــــــــه :
يسمى الشعر في الامازيغة ب " أمارك " و جمعه " أيمورك " و فعله " سموريك " و من ذلك و روده في البيت الاخير من شعر " حسن إدبلقاسم "
[1] .
نك ن ءآفوس دايجديكن لتشين غ فالاسطيننسمون آغماء لحنا د تفرخين غ لفيتنامآر نتيرير ، ارنسمو ريك
تعريب :
يدنا ممدودة بزهور البرتقال في فلسطينو حفلات الحناء نحييها مع فيتات من الفيتنامفنغني ، و نبدع الاشعار
و إضافة إلى اعتبار كلمة " أمارك " اصطلاحا على الشعر ، فإنها لغة تعني : الشوق و مجازا قد تطلق على معاني أخرى كالحب و الوهن و الموسيقى …و مما يؤكد أن تلك الكلمة يصطلح بها على الشعر قول " الرايس احمد أمنتاك" ينوه بشعر " الرايس محمد الدمسيري " ، و موسيقاه :

أمارك نس ، ريباب نس ، آس إيلا شاراف
تعريب :
بشعره ، و ربابه ، بلغ المجد
أي أن الدرجة الرفيعة التي بلغها الرايس محمد الدمسيري اليوم ، نتيجة براعته في قول الشعر - أمارك – و العزف الموسيقي على آلة " الرباب " .
و هناك أدلة أخرى تؤكد أن الشعر في الامازيغية يصطلح عليه ب" أمارك " و منها :
*كون تلك الكلمة ، أكثر استعمالا عند الحديث عن الشعر في المصادر المكتوبة و الشفوية .
*ترد في أحاديث الناس و هم يقصدون بها الشعر و ليس الموسيقى ، أو الغناء أو الرقص في مثل " فلان إحسا كيكان نومارك " . أي فلان يحفظ كثيرا من الشعر . لأن القطع الموسيقية و الحركات لا تحفظ عن ظهر قلب حينئذ .
*هناك حكايات طريفة مشهورة باسم " نص أومارك " أي نصف الشعر كأن يكون البيت الاول موزونا و البيت الذي يليه غير مستقيم وزنا إلى درجة النثرية .
*المؤلفون المغاربة و الاجانب الذين تطرقوا للشعر الامازيغي جلهم استعمل كلمة " أمارك " للدلالة على الشعر .
*شاعرنا " سيدي حمو " ، يميز عن غيره بكونه : سيدي حمو باب ن اومارك أي سيدي حمو منشئ الشعر .و يظهر أن هذا كله ، يكفي دليلا على أن كلمة " امارك " هي اسم الشعر في الامازيغية .

[1] " أجديك ن قاوش " قصيدة أمازيغية ضمن ، أعمال الدورة الاولى ، جمعية الجامعة الصيفية بأكادير . مطبعة فغالة المحمدية : ص : 289 . طبعة 1982 م

الفصل الأول : 2- الاجناس الادبية الامازيغية :

2-الاجناس الادبية الامازيغية :
يتميز الادب الامازيغي بكونه يتضمن مجموعة من الفنون أو الاجناس نذكر منها :
‌أ- الحكاية و الأسطورة :
هي التي تدعى في تاشلحيت " دومين " و هي أساطير شعبية متداولة شفويا مثل : أسطورة " أحمد ءونامير" المشهورة ، حكاية الذئب و القنفد " ءوشن د بومحند " . فالحكاية التقليدية في الادب الامازيغي ذات خصائص فنية تميزها عن باقي الاجناس النثرية الاخرى ، حيث تنفرد ببنية سردية مرنة تستجيب لمقتضيات ظروف إنجازها من قبل الراوي الذي كثيرا ما يتوفر على ملكة تتيح لـه التصرف في النص المروي مع احتفاظه بتوابثه الامامية . و الحكاية الامازيغية كغيرها من حكايات العالم تقوم على الخيال المبدع و توظف القوى الخارقة و الابطال المثاليين ، حيث تتنوع و تتعدد متغيرات الحكاية الواحدة التي يدور موضوعها الرئيسي حول أبطال يختزلون أحيانا مختلف المكونات الضمنية و الإنسانية من عناصر دينية و عقائدية و ثقافية و غيرها .
‌ب- الامثال و الاحاجي :
تدعى في تاشلحيت ب " سد لغاكتين ملغاكتين " . و لا يختلف المثل الامازيغي عن المثل في الثقافات الاخرى محلية كانت أم عالمية ، سواء من حيث شكله و بنيته أو من حيث مدلولاته و أبعاده و وظائفه و قد صيغت هذه الامثال في مجموعة من المواضيع من بينها : المسؤولية و الوحدة و التعاون و الحذر و الاخلاق الحميدة ، و من بين وظائف المثل بالإضافة إلى التعليق على الاحداث و المواقف تكريس القيم السائدة دينية كانت أم اجتماعية أم ثقافية و ترسيخ تجربة السلف في الاذهان لاستخلاص الموعظة و العبرة من المحموذ منها .
و المثل يحاكي البيت الشعري لما يتوفر فيه من بعض مقومات الشعر كالصور و التشابيه و الايقاع و الصنعة و غيرها .
‌ج- الاحجية و الالغــاز :
هي جنس سردي يحاكي المثل في شكله و بنائه ، فهو بدوره يتميز بالايجاز و البلاغة و بخصائص تقر به أيضا من البيت الشعري ، و لا شك أن هذا الجنس الادبي الغزير في الثقافة الشعبية بصفة عامة يدخل في جانب التسلية و المتعة . و تصنف الاحاجي حسب مواضيعها ، فمنها : عالم الانسان ، عالم الحيوان ، العالم الذكوري ، الدين … الخ .
و يشترك المثل و الاحجية في خاصية رئيسة و هي ارتباطها باللغة و الثقافة المحليين مما يفرض في متلقيها قدرا من الالمام باللهجة المستعملة و بالمحمول الثقافي .
و بعد ذكرنا لبعض أهم اجناس النثر الامازيغي على سبيل التذكير، فإن هذا الاخير يبقى على غرار النثر التقليدي في سائر الثقافات يدور في فلك ما صاغه المبدع الجماعي المجهول الهوية منذ قرون خلت ، إذ العلاقة و طيدة بين ما هو نثري و ما هو شعري، إذ استلهم العديد من الشعراء الامازيع النصوص النثرية و طعموا بها قصائدهم ، حيث يمكن للدارس أن يستشف في كثير من الابداعات الشعرية عناصر تلاقح بين النص الشعري و المثل و الحكاية و الاسطورة .
و هكذا ، بعد أن تطرقنا و لو بشكل موجز إلى بعض أجناس الادب الامازيغي ، فإننا سننتقل إلى أحد أهم هذه الاجناس ألا و هو الشعر ، و بطبيعة الحال فإنه سيشغل الحيز الاكبر – باعتباره موضوع بحثنا – زيادة على كونه :
¨ يعتبر بمثابة العمود الفقري للادب الامازيغي و توظف فيه بقية الفنون الاخرى كروافد تغنيه .
¨ و لانه – أي الشعر – أكثر تصويرا لمشاعر الفرد و الجماعة و تعبيرا عن مشاكلهم و مواقفهم .
¨ و بواسطة الشعر المنسوب إلى مبدعيه المجسد لقضايا و ظواهر تاريخية معروفة نستطيع رصد مسار التطور الفكري و الفني في هذا المجتمع .
¨ إن الشعر خلاصة ثقافة الامازيغيين و مفيد في ذات الوقت لأنه يطرب الاحساس و الوجدان و يغذي العقل .كما أنه يقوم بوظيفة التربية و التعليم الديني ، فيترجم معاني دينية مستمدة من القرآن و السنة و كتب الفقه و السيرة المستعصية الفهم على الامازيغية بأسلوبها العربي الفصيح
.

الفصل الأول : صيرورة الشعر الامازيغي السوسي(الادب الامازيغي و أجناسه )

I. الادب الامازيغي و أجناسه :
1. الادب الامـــازيغي :
إن الادب الامازيغي في مفهومه الواسع يشمل محيطا لغويا و ثقافيا يتمثل في الفضاءات التي تتداول فيها اللغة الامازيغية الناقلة لمختلف أجناسه ، أي بلدان المغارب و جنوب النيجير و مالي و جنوب مصر و جزر الكناري ، و ذلك بمقاييس متفاوتة من رقعة إلى أخرى ، علما أن أهم مواطن انتعاشه و حيويته راهنا هي بلدان المغرب و الجزائر . ففي هذين البلدين يتواجد الادب الامازيغي على نفس الخريطة الثقافية إلى جانب أداب أخرى ناطقة بكل من العربية و الدارجة كلغات وطنية و بالفرنسية كلغة أجنبية . و عليه فهذا الادب يعتبر من الروافد الاساسية للثقافة الوطنية المتميزة بتنوعها و تعددها ، سواء على مستوى أدوات تعبيرها أو على مستوى مظاهرها و تجلياتها و أنماط ممارستها .
و يقصد بالادب الامازيغي الجانب الابداعي للثقافة المنظومة بالامازيغية التي تعود إلى أكثر من ثلاثين قرنا ، و هو مشكل من أجناس أدبية مختلفة ، إذ يضم إلى جانب النثر الحكاية ( الأسطورة ) و الالغاز و الخرافة و غيرها … كما يضم الشعر و هو موضوع بحثنا إن شاء الله خاصة الشعر الديني .
لقد عرف الادب الامازيغي انتعاشا كبيرا في السنوات الاخيرة و تنوعت مشاركات الادباء في هذا الحقل ، و شملت القصة و المسرحية كما شملت أيضا الشعر بكل أغراضة و لم تقف عند حد المساهمة الشفهية ، و إنما تعدتها إلى المساهمة الكتابية . و كما هو متفق عليه فإن الخاصية الاساسية المميزة للادب الامازيغي على غرار الآداب المتعارف على نعتها بالشعبية هي الشفاهية ، و هي ميزة تستمد تبريرها من طبيعة و واقع اللغة التي تتوسطها أجناسه للتعبير عن ذاتها ، فاللغة الامازيغية كرست منذ قرون و مُورست كلغة شفوية بالدرجة الاولى ، لا تتصل بالكتابة إلا عن طريق التدوين و الاستنساخ بحروف غير حروفها الاصيلة، عربية كانت أم لاثينية ، و من تم درج على تداول الادب الامازيغي في إطار الثقافة ذات التقليد الشفوي علما بأن كل أجناسه نظرية كانت أم شعرية ، تتسم بجوهرية المميزات اللصيقة بالتعابير الفنية والادبية .

مقــدمــة

اود أن اشيرفي مقدمتي هذه أن بحثي هذا لا يدخل في إطار إحياء الادب الشعبي ، لان هذا الادب ظل حيا مادامت لــه صلة وثيقة بقاعدة جماهيرية عريضة . ثم إن الادب الامازيغي يستحق الدراسة بل يستوجبها خاصة إذا علمنا أن مجاله بكر و خصب ، و قلة من الباحثين هم الذين تصدوا للبحث فيه ، و إنه لمن سوء خظنا أننا مازلنا نجهل الشيء الكثير عن هذا الادب . و نشير هنا إلى أن هذا الاخير بكل ألوانه و أجناسه يساير التطورات و التغيرات التي يعرفها المجتمع بصفة عامة و المجتمع السوسي بصفة خاصة . و به يستعين كل من أراد أن يغوص في أغوار المجتمع الامازيغي عامة ، سواء كان مؤرخا أو كباحث اجتماعي و في كل ما يتصل بالحياة و يحوم حولها ، و على هذا الاساس فالواجب الانساني أولا و الوطني ثانيا يدعونا أكثر من أي وقت مضى إلى التعريف بتراثنا الوطني الشعبي ، و في هذا الاطار يقول عباس الجراري : « لكل أمة تراث هو عنوان شخصيتها الوطنية يعبر عن قدرة عقليتها و يحدد مدى عبقريتها و يكشف عن قدرة إراداتها و يبرز طابعها القومي الأصيل في مجالي الحضارة و الثقافة . وقد مضى زمن غير يسير كان الناس – عامة و خاصة – يظنون أن هذا التراث لا يتمثل في غير ما ألف العلماء من كتب تحويها بطون الخزائن و المكتبات و فيها أقامت الاجيال خلال حقب التاريخ من أثار لم يتلفها توالي العصور و الازمان ، و يغفلون جانبا من الثرات، لعله لا يقل عن هذين الجانبين في توضيح معالم كيان الامة و ملامح وحدتها ، و إبراز مقوماتها و قيمها ، ان لم يكن أكثر منها عكسا لروحها القومي و ذاتيتها الجماعية . و هو الجانب المتمثل في الاداب و الفنون التي صدرت عن الشعب فردا و جماعة متخدة و سيلتها في التعبير ألوانا من القول و الكلام و الحركة و الاشارة و الرسم و التشكيل »[1].و كما هو معلوم فإن الادب الامازيغي مرتبط بالشعب أشد ما يكون الارتباط خصوصا منه الشعر أحد ابرز أجناسه ، إذ يعد من أقدم الفنون الادبية في الثقافة الامازيغية و هو أكثر الاجناس انتشارا و تداولا في المجتمع الامازيغي قديما و راهنا . و منطقة سوس تزخر بالعديد من الشعراء الذين برعوا و تفننوا في هذا الجنس الادبي محاولين إيصاله إلى جل شرائح المجتمع ، حيث دأب هؤلاء يدونون أشعارهم محاولين أخراجها من إطار الشفاهية إلى إطار أخر يضمن لها الاستمرارية و الحياة في إطار المكتوب و نقصد هنا الشعر الحديث محور بحثنا هذا ، و هو يعني مجموعة من الابداعات التي ظهرت في العقدين الاخيرين مع ظاهرة تحول الادب الامازيغي من مرحلة الشفهية إلى مرحلة الكتابة . هذا الشعر الذي يضم في طياته العديد من الاغراض كالغزل و الشعر الوطني و الشعر الديني ، هذا الاخير الذي ركزنا عليه في بحثنا هذا و الذي يقوم بوظيفة الوعظ و الارشاد و تلقين و تعليم قواعد الاسلام سواء عن طريق الفهم أو الحفظ للامازيغيين الذين لا يفهمون اللسان العربي .
أما عن مراحل البحث و محاوره الرئيسية فقد عرضنا في الفصل الاول لمفهوم الشعر الامازيغي و نشأته بصورة عامة ، دون إغفال موطنه و أماكنه ، و نظرا لمرور الشعر من عدة مراحل فقد تطرقنا لمرحلتين مهمتين مر منهما هذا التراث و هما :مرحلة الشعراء الشعبيين أو ما يطلقه عليه " انضامن " باعتبارها مرحلة شفهية، و مرحلة المجموعات و قد اقتصرنا في هذه الاخيرة على مجموعة " أرشاش " و مجموعة " ازنزارن عبد الهادي " باعتبارهما رمز الاغنية الامازيغية الملتزمة . و بعد هذه الصيرورة عن الشعر الامازيغي السوسي انتقلنا للحديث عن الشاعر الامازيغي من خلال التطرق لثقافته و بيئته و كونه وسيلة تربوية و توعوية . بعد هذا الفرش النظري في الفصل الاول و الثاني خصصنا الفصل الثالث لتحليل مجموعة من القصائد تتناول مواضيع دينية ، و من بين ما تطرقنا إليه قضية الجنة و النار و قضية الموت أما في مجال العبادات فقد أدرجنا ثلاثة قصائد، الاولى عن الصلاة و الثانية عن الصوم و الاخرى عن الحج . أما عن نبد السلوكات الغير الاسلامية فقد أدرجنا مجموعة من الابحاث عن الشعودة و التكبر و الغيبة و النميمة باعتبارها قضايا تتنافى و تعاليم الاسلام . و كما هو معلوم فكثيرة هي العقبات و العراقيل التي تقف أمام كل باحث في التراث الشعبي ، و ذلك لقلة المصادر و المراجع التي تتصل مباشرة بالدراسة أو حتى التي نتوفر عليها . و قد واجهتنا إحدى هذه المشاكل و التي تتمثل في قلة القصائد الدينية خصوصا إذا عرفنا أن تقيدنا بالشعر الامازيغي المعاصر بسوس جعلنا أمام شعر يكثر فيه الغزل و المدح و البحث عن الهوية .و في الاخير لا تفوتنا الفرصة لتوجيه جزيل الشكر و الامتنان للاستاذين "علي بنبريك " و "علي الزهيم " اللذين بفضل توجيهاتهما و إرادتهما استطعنا إنجاز هذا العمل المتواضع دون أن ننسى كل من قدم لنا العون و المساعدة سواء من قريب أو من بعيد .
[1] " الشعر المغربي الامازيغي " ، عمر حسين أمرير ص : 1 . ط : 1 . 1975 م ..