الثلاثاء، ١٢ فبراير ٢٠٠٨

الفصل الأول : III تطور الشعر الامازيغي(2-2-المجموعات)

‌أ- مجموعة أرشاش :
ظهرت مجموعة " أرشاش " سنة 1979 و كانت مؤلفة من خمسة عناصر : " علي شوهاد " ، محمد صالوت " من منطقة أبركاك و " الحسن وخاش " و " ابراهيم اسكران " من منطقة اسافن تم " عزيز الهراس " من أربعاء تافراوت ، هاته العناصر اجتمعت لتفتح مسلسل الانتاج بتسجيل أول شريط سنة 1980 . فالمجموعة ظهرت لسد الفراغ الحاصل في الساحة الفنية المتمثل في غياب الكلمة الهادفة فهي واعية تمام الوعي بالوضع و الحالة المزرية للاغنية السوسية . و مجموعة أرشاش تتبنى مبدأ متميزا يتمثل في أنها تغني ما تريده و ليس ما يريده الجمهور و هذا ليس من قبيل الانانية و لا من باب اللامبالات باذواق الجمهور، بل أن المجموعة ما دامت تتخد وجهة الفن الهادف عن إيمان و اقتناع فلا يمكن أن تحيد عنها . و الغناء عندها ليس رسالة مقدسة و ليس ترفيها أو ملئا للفراغ و حاملها يجب أن يكون ملتزما. و المثير ان اسلوب المجموعة يختلف عن المجموعات الاخرى فهي تتناول المشاكل الاجتماعية بصيغة تفاؤلية عكس المجموعات الاخرى التي تتمتع أغانيها بمستوى عال ، لكنها تسرف في التشاؤم ، فالاغنية الهادفة في نظر " أرشاش " ليس الاغنية المتشائمة كما أنه ليس من مصلحة الفن الملتزم الظهور بمظهر الضعف و الانهزامية .أن المتناول لاغاني المجموعة سيلاحظ مدى التزامها و كذا سيقف على سمات التنوع و التباين في المواضيع . فمن خلال استقرائنا و سماعنا لمجموعة من اشرطة المجموعة نجدها تتناول مواضيع جادة و ملتزمة . الا أن ما أثار انتباهنا هو الحضور القوي للدهر في اشعار المجموعة و هيمنته على غالبية الانتاج . و هذا يوحي بأن المجموعة وظفت مفهوم الدهر للتعبير و معالجة قضايا مجتمعية و هموم و مشاكل متجدرة من الواقع المعيش و هذا سيتوضح أكثر حين نورد هذا النوذج من السياق :

متا زما ناد رزنتاس كا و الن

ء ور ءيلي ءونزار ءورترغيت ءاتا فوكت

يوسيد توزلين ءيكاد لموس غ ء يفاسن

تانا ءور ءيلين تاضوط ءيكساس ءيلم

ما لهذا الزمن تعكرت عيناه فلا المطر يهطل و لا الشمس تدفئ ، حمل المقص و السكين في يديه فكل شاة لا تحمل الصوف يسلخ جلدها ء .
ءيزاكي زمان نكسوض أسرنغ ءيشمت
تعريب :
يطاردني الزمن فخفت أن يشمت بي .
يساول زمان س ويدات ءيتابعان

ءيغ ءيطاف يان لمال كا داس ءيزضار

تعريب :

تحدث الدهر إلى من يتبعه ، ذو المال هو القادر على أن يدركني

أن ما يستخلص من هذا هو أن الدهر لا يمكن تجريده من المحيط إلاجتماعي و الاقتصادي و السياسي لابداعات المجموعة بل وظف بذكاء كرمز لتناول هموم و قضايا المجتمع ، و هذا التوظيف ليس اعتباطيا ، بل لـه ما يبرره فمفهوم الدهر و الزمن ذو بعد شمو لي فهو يحل على الزمان و المكان و الظروف و الملابسات بشتى أنواعها .إلى جانب طغيان عامل الدهر و الزمن على أشعار المجموعة ، نجد أن هذه الاخيرة تعالج ظواهر أخرى كظاهرة الفوارق الطبقية ، فمن خلال أغانيها نستشف مدى معانتها و اصابتها باسم استفحال الفوارق الطبقية في المجتمع ، و تباإن المجموعة لم تهتم في أشعارها بظاهرة الفوارق الطبقية قط ، بل نجدها تتحدث عن تناقضات المجتمع و انهيار القيم . و الشعر - المجموعة - يتحدث بحسرة و اسف عن واقعه الحالي و هو واقع الفئات المحرومة و لم يفته استحضار ماضيه لابراز الفرق و اتساع الهوة عد الاحوال المعيشية للفئات و تكاثر خطة الاصلاح لم يزد الامر إلا اتساعا في الهوة .

يقول الشاعر :

ءازمز ئيزرين نسكر كيس مكلي نر

نزنزا سغيغ نشا كنغ ءور مريتغ

نكا يا غ مدن تاداليت تحرمانغ

تعريب :
في الفترة المنصرمة فعلت كل ماشئت ، بعت و اشتريت ، أكلت و نمت دون عناء و كنت واحدا من الناس لم أذق مرارة الدل قط .و يبدو أن الفرق كبير بين ماض زاهر و حاضر تفاقمت فيه الاوضاع و ازدادت خطورة ، فاصبحت كل الميادين مهددة بالتصدع و الانشقاق يقول الشاعر ( المجموعة ) :

توت نملت ء يفرضن فغن كولو وامان

ءايليد كيسن ياكورن ءيسوتن و اكال

تعريب :
ضربت الشقة السدود ، فتسربت جل المياه أما الباقي فامتصته التربة .فهذا تصوير مؤثر لكارثة عامة ، ستعصف بكيان المجتمع و هو بمثابة تحدير و توبيخ للمجتمع نفسه خاصة للمسؤولين ، و المجموعة ترجع انهيار القيم و تناقضات المجتمع إلى عنصر المال

يسرخاص زلض ءاركاز ءيغ ءورء يطاف

تعريب :

الفقر يحط من قيمة الرجل العديم المال

يقول الشاعر ( المجموعة ) كذلك :
يان دار أقاريض نسوياس تاسا ندلت ءيس

ءيغ نيت نان ءارعم ءويلن كاند

يعزان ءاساسن تينين ءالغنت ءارضصان

تعريب :
من يملك المال نفرش لـه القلب و نغطيه به ، إن قال ان الجمل قد طار وزار القمر يقال له صدقت و يمدحونه صادقين .
و هذا ما شجع تفشي الفساد و الرشوة في أجهزة المجتمع حتى أصبح فساد التفكير المادي في الهرم السلطوي .
وفي ختام هده الملاحظات والخلاصات عن المجموعتين معا لابد من تسليط الضوء على بعض المفارقات ، فاذا كانت مجموعة " أرشاش " تعتبر بكونها لم تظهر في الحفلات والاعراس قبل تسجيلها الشريط الاول . فان مجموعة " ازنزارن ع الهادي " كانت مندمجة في هذا الجو ، لكن الملاحظ الان أن المعادلة انقلبت فأصبحت مجموعة " أرشاش " تقبلو بشكل مكثف على المشاركة في الحفلات مقابل عزوف مجموعة "ازنزارن " عن هذا السلوك .
و الوجه الثاني للعملة يتجلى في الانتاج الغزير و القليل لمجموعة " ازنزارن " التي ترى أن العبرة ليست بالانتاج الغزير ، بل بنوعيته و ما هيته. فهي تحرص على أن يكون الفارق الزمني بين كل انتاج طويلا ليتسنى للجمهور فرصة العودة للإنتاج السابق ، في حين ترى مجموعة " أرشاش " أن ضآلة الانتاج يمكن اعتبارها تقاعسا و بخلا ، فالغياب الطويل عن الجمهور من شأنه أن يبعد الفنان الملتزم عن جمهوره .

ليست هناك تعليقات: